Skip to main content

في المجتمعات الريفية في لبنان، تُعد الزراعة أكثر من مجرد مصدر رزق — إنها أسلوب حياة، وتقاليد عائلية، ومفتاح للأمن الغذائي. ومع ذلك، يواجه المزارعون في السنوات الأخيرة تحديات متزايدة مثل ارتفاع التكاليف، وتغير المناخ، وصعوبة الوصول إلى الموارد، وتضاؤل الفرص في الأسواق. في جمعية آسيا الخيرية، نعمل جنبًا إلى جنب مع المزارعين المحليين لمساعدتهم على زراعة ما هو أكثر من المحاصيل — نساعدهم على بناء مستقبل مستدام.

التحدي: الزراعة في أوقات غير مستقرة

من تغيّرات الطقس المفاجئة إلى الارتفاع الحاد في أسعار البذور والأسمدة والمياه، يكافح المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة لتغطية التكاليف. كثير منهم يفتقرون إلى الأدوات الحديثة والتدريب والأسواق المستقرة، ما يدفع بعضهم إلى التخلي عن الزراعة، مما يُضعف الأمن الغذائي الوطني.

لهذا السبب، تركّز برامجنا الزراعية على أكثر من مجرد تقديم المساعدة — نحن نركّز على التمكين. لا نوزّع الموارد فقط، بل نُقدّم المعرفة والدعم والثقة للمزارعين للنهوض والنجاح.

الخطوة الأولى: بذور جيدة ومعرفة محلية

كل شيء يبدأ بالبذرة. نوفر للمزارعين بذورًا ذات جودة عالية ومقاومة لتغيرات المناخ، مما يُحسّن الإنتاجية ويُقلل من فشل المحاصيل. إلى جانب ذلك، ننظّم ورشات تدريبية حول الزراعة البيئية، والتسميد العضوي، وتناوب المحاصيل، وتقنيات الري الفعّالة.

لا نعتمد أسلوبًا موحّدًا في التدريب، بل نُخصصه وفقًا للبيئة المحلية والعادات الزراعية. نعمل مع خبراء زراعيين وكبار المزارعين المحليين لضمان أن تكون المعرفة منسجمة مع الأرض وثقافتها. وبهذا الأسلوب التعاوني، تمكّن مئات المزارعين من تحسين إنتاجهم دون الإضرار بالبيئة.

الخطوة الثانية: الأدوات والبنية التحتية

المعرفة وحدها لا تكفي. لذا نُساعد المزارعين في الحصول على الأدوات، وبناء البيوت البلاستيكية، وترميم أنظمة الري. وفي بعض الحالات، ندعم إنشاء مراكز زراعية مشتركة بين عائلات مختلفة لتبادل المعدات وتخزين المحاصيل.

هذه الاستثمارات تقلّل من الجهد وتُخفّض التكاليف وتعزّز روح التعاون والانتماء في المجتمع.

الخطوة الثالثة: ربط المزارعين بالأسواق

واحدة من أكبر التحديات التي تواجه صغار المزارعين ليست الزراعة نفسها، بل بيع منتجاتهم. يفتقر الكثيرون إلى قنوات تسويق موثوقة وأسعار عادلة. لمواجهة ذلك، نربطهم بالتعاونيات والأسواق المحلية وحتى المنصات الرقمية.

في أحد برامجنا في شمال لبنان، بدأ المزارعون ببيع منتجاتهم مباشرة للمدارس والمطاعم والمتاجر الصغيرة، مما قلل الهدر وزاد من الأرباح. قال أحد المزارعين: “لم أعد أخاف من موسم الحصاد، الآن أعلم أنني سأبيع ما أزرع”.

تمكين النساء في الزراعة

تلعب النساء دورًا حيويًا في الزراعة، ولكنهن غالبًا ما يُستبعدن من برامج الدعم. نحن نضمن شمول النساء في التدريب والمشاركة والقيادة. في بعض المناطق، ساعدنا مجموعات نسائية على إطلاق مشاريع زراعية خاصة بهن.

النتيجة؟ دخل إضافي للعائلات، وثقة بالنفس، ومشاركة نسائية فاعلة في تنمية المجتمع.

الصورة الأكبر: الأمن الغذائي والاستدامة

بتمكين المزارعين، نحن نعزّز المجتمعات بأكملها. نهجنا يلبّي الاحتياجات الغذائية العاجلة ويستثمر في حلول طويلة الأمد. المزارع القوي ينتج أسرة صحية، واقتصادًا resilient، ونظامًا غذائيًا أقوى.

ويمكن رؤية أثر هذا العمل في وجبات الطلاب الصحية، وانخفاض معدلات الهجرة، وتنشيط الاقتصاد المحلي. عندما ينجح المزارع، يستفيد الجميع.

كيف يمكنك المساهمة؟

دعم الزراعة المستدامة هو دعم للكرامة، والاستقرار، والاكتفاء الذاتي. تبرّعك يمكن أن يُوفّر بذورًا، وأدوات، وتدريبًا يُغيّر حياة بأكملها.